السبت، 28 مايو 2016

النهايات السعيدة

النهايات السعيدة
مارغريت أتوود

ترجمة: عبدالله الزماي
         



يلتقي جون وماري .
          ماذا حدث بعد ذلك؟
          إذا كنت تود نهاية سعيدة اقرأ (أ)

(أ)
          يقع جون وماري في حب بعضهما ويتزوجان. كلاهما لديه وظيفة مرموقة وذات راتب مجزي ويجدونها محفزة ومشجعة. ابتاعا منزلا ساحرا. ارتفع سعر العقارات. عندما استطاعا تأمين حياة كريمة رزقا بطفلين. نشأ الطفلان بشكل جيد. ماري وجون لديهما محفزات وحياة جنسية مثيرة وأصدقاء جديرون بالاهتمام. يستمتعان بإجازاتهما معا. تقاعدا. وكل منهما لديه هوايات محفزة ومشجعة. توفيا في نهاية المطاف. هذه هي نهاية القصة.

(ب)
          ماري تحب جون لكن جون لا يحبها. هو فقط يستخدمها جسديا للمتعة الأنانية كنوع فاتر من إشباع الذات. يأتي إلى شقتها مرتين في الأسبوع وتعد له العشاء, ستلاحظون أنه يعتقد أنها لا تستحق قيمة العشاء في الخارج, وبعد أن يتناول عشاءه يجامعها وينام, بينما هي تقوم بغسل الأطباق لكي لا يعتقد أنها غير مرتبة, بسبب كل هذه الأطباق المتكدسة من حولها, وتضع أحمر الشفاه الجديد وستبدو جميلة عندما يستيقظ, لكنه حين يستيقظ لا يلاحظها حتى, يلبس جواربه وسرواله القصير وبنطاله وقميصه وربطة عنقه وحذاءه, بعكس الترتيب نفسه. لا يخلع ملابس ماري, هي تخلعها بنفسها, تمثل كما لو أنها متلهفة له كل مرة, ليس لأنها تحب ممارسة الجنس تماما, هي لا تحب ممارسته, ولكن لأنها تريد أن يعتقد جون أنها تحبه لأنهما لو مارسا الجنس بما يكفي سيعتاد عليها, وسيأتي ليطلب يدها, وسيتزوجان, لكن جون يخرج من الباب بصعوبة بقدر ما كانت ليلة جيدة وبعد ثلاث ليال يأتي في السادسة تماما ويفعلون كل شيء مرة أخرى. ساءت حالة ماري. البكاء مضر بالنضارة. الجميع يعرف ذلك, حتى ماري لكنها لا تستطيع التوقف عن البكاء. لاحظ زملاء العمل ذلك. أخبرها أصدقاؤها أن جون جرذ وخنزير وكلب وليس جيدا بما يكفي بالنسبة لها, لكن لا يمكنها تصديق ذلك. فهي تظن أن في داخل "جون" شخص آخر أجمل بكثير. هذا الشخص الآخر سيظهر كما تخرج الفراشة من شرنقتها أو كدمية المهرج من الصندوق المغلق أو كالبذرة من ثمرة الأجاص المجفف, إذا ما تم تشجيع جون السابق بما يكفي. في إحدى الليالي اشتكى جون من الطعام, ولم يكن يشتك من طعامها من قبل.
          جرحت ماري.
          أخبرها أصدقاؤها أنهم قد رأوه  في أحد المطاعم مع امرأة أخرى تدعى "مايج", ما أغضبها في النهاية ليس "مايج" فحسب وإنما كون ذلك حدث في مطعم, فجون لم يأخذ ماري إلى مطعم قط. جمعت ماري كل الحبوب المنومة والأسبرين التي تمكنت من الحصول عليها, ووضعتها في نصف قارورة من الفودكا, يمكنكم أن تروا  أي نوع من النساء هي, حتى أنه ليس "ويسكي". تركت ملاحظة لجون. آملة أنه سيكتشفها ويأخذها إلى المستشفى في الوقت المناسب ويتوب ومن ثم يمكنهما الزواج, ولكن هذا لم يحدث, فتوفيت. جون تزوج مايج واستمر كل شيء بالحدوث كما في (أ).
(ج)
          جون وهو رجل مسن أحب ماري, وماري التي تبلغ اثنين وعشرين عاما فقط تشعر بالأسف له لأنه قلق من تساقط شعره. تعاشره حتى بالرغم من أنها لا تحبه. كانت قد قابلته في العمل. لكنها تحب رجلا آخر يدعى "جيمس", الذي يبلغ أيضا الثانية والعشرين, ولكنه ليس مهيئا للاستقرار بعد.
          جون على العكس من ذلك مستقر في حالة استقرار منذ زمن, هذا ما يزعجه. جون لديه وظيفة محترمة وثابتة. ويزداد تقدما في مجاله, لكن ماري ليست معجبة به, بل بجيمس, الذي يملك دراجة نارية, ومجموعة مذهلة من الأسطوانات لكنه غائب غالبا ممتطيا دراجته كونه حرا. الحرية ليست نفسها بالنسبة للفتيات, لذا في غضون ذلك تقضي ماري أمسيات الخميس مع جون, أيام الخميس هي الأيام الوحيدة التي يمكن لجون أن يفلت بها. جون متزوج من امرأة تدعى "مايج" ولديهم طفلان ومنزل ساحر ابتاعوه قبل أن يرتفع سعر العقار, وهوايات يجدانها محفزة ومشجعة, حين يكون لديهما الوقت لممارستها. أخبر جون ماري عن مدى أهميتها بالنسبة له, لكنه الطبع لا يمكن أن يدع زوجته لأن الالتزام يوجب الوفاء. يذهب في هذا أكثر مما هو ضروري بينما ماري تجده مملا, لكن الرجل المسن يمكن أن يستمر لوقت أطول لذا على كل هي تجد وقتا طيبا إلى حد ما. في يوم ما دخل جيمس بدراجته النارية مع بعض من سفلة الطبقة المترفة في كاليفورنيا ,ذهبا ابعد مما كنت تظنه ممكنا, واعتليا السرير. كل شيء أصبح كالحلم, ولكن باغتهما جون وكان يملك مفتاحا لشقة ماري. وجدهما مسطولين ومتلاصقين. هو بالكاد يصبح غيورا في أية موقف, حتى مع مايج, ولكنه مع ذلك تغلب على اليأس. أخيرا في خريف العمر وفي غضون عامين سيصبح رأسه أصلع كبيضة ولا يستطيع النهوض. قام بشراء مسدس قائلا أنه يحتاجه من اجل هدف تجريبي. هذا هو الجزء الدقيق من الحبكة, لكن يمكن أن يتم التعامل معه لاحقا, فيطلق النار على الاثنين وعلى نفسه. مايج بعد فترة من الحداد, تتزوج رجلا متفهما يدعى "فريد" ويستمر كل شيء كما حدث في (أ) ولكن تحت أسماء مختلفة.   
(د)
          "فريد" و"مايج" ليس لديهما مشاكل. مستمران بشكل جيد للغاية وجيدان في التعامل مع أية صعوبات تذكر قد تواجههما. لكن منزلهما الساحر من شاطئ البحر في يوم ما اقتربت موجة مد هائلة. انخفض سعر العقار, وبقية القصة عن سبب موجة المد الهائلة وكيف هربوا منها. فعلا ذلك, على الرغم من أن الآلاف من الناس قد غرقوا, لكن "فريد" و"مايج" فاضلان وممتنان واستمرا كما في (أ).
(هـ)
          نعم, لكن "فريد" لديه قلب مريض. بقية القصة عن كم كانا لطيفين ومتفاهمين حتى توفي "فريد". ثم كرست "مايج"  نفسها للأعمال الخيرية حتى نهاية (أ). إذا أعجبتك القصة, يمكن أن يكون اسمها "مايج" أو السرطان أو الحظ والخطيئة أو مراقبة الطيور.
(و)
          إذا كنت تعتقد أن كل هذا برجوازي للغاية, اجعل "جون" ثوريا و"ماري" عميلة مكافحة التجسس وانظر إلى أي مدى لذلك تأثير عليك. تذكر أن هذه "كندا".سيؤول بك المآل إلى (أ), على الرغم من أن بين ذلك وذاك  قد تحصل على ملحمة المشاجرة الشهوانية بسبب التورط العاطفي, وقائع عصرنا, شيء من هذا القبيل.
          سيتوجب عليك المواجهة ذلك أن النهايات ستكون نفسها كيفما توجهت إليها. لا تكن مخدوعا بأية نهايات أخرى. إنها جميعا وهم, إما متوهمة عمدا بنوايا خبيثة للخداع, أو أنها مجرد مدفوعة بالتفاؤل المفرط إن لم تكن عاطفة مؤكدة.
          النهايات الأصيلة الوحيدة هي المقدمة هنا :
          يموت جون وماري. يموت جون وماري. يموت جون وماري.
          ثمة الكثير حول النهايات. البدايات دائما ما تكون أكثر متعة. الخبراء الحقيقيون معروف أنهم يفضلون الامتداد بين الاثنين لأنه الأصعب أن تفعل أي شيء بها.
          هذا كل ما يمكن أن يقال عن "الحبكات". التي هي على كل حال مجرد حدث بعد آخر, ماذا وماذا وماذا.
          حاول الآن بلماذا وكيف.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق