السبت، 14 نوفمبر 2015

عبدالواحد الأنصاري: الجوائز حفلات للرداءة الأدبية..ونقاد الرواية لا يقرؤون الرواية جيدا

عبدالواحد الأنصاري: الجوائز حفلات للرداءة الأدبية..ونقاد الرواية لا يقرؤون الرواية جيدا

          "لئن كانت للرداءة الأدبية حفلة, فلتكن للجودة الأدبية صرخة" هكذا ذيل الروائي والناقد عبدالواحد الأنصاري مقدمة كتابه الأخير الذي عنونه بحفلات الرداءة الأدبية, جائزة الرواية في معرض الرياض الدولي للكتاب أنموذجا, منتقدا به الرواية الفائزة به للعام الماضي "زرياب" للروائي مقبول العلوي, ومفصلا به عددا من الأخطاء التاريخية والفنية –بحسب قوله-, أطلعت على نسخة من هذا الكتاب الذي نشر الكترونيا, وأجريت مع الأنصاري الحوار التالي..

·        ألفت كتابا عنونته بحفلات الرداءة الأدبية تنتقد فيه رواية"زرياب" الحائزة على جائزة العام من وزارة الثقافة والإعلام العام الفائت .ماذا تقصد بهذا العنوان؟ هل تقتبس عنوان رواية ميلان كونديرا الأخيرة "حفلة التفاهة"؟ ما العلاقة بينهما؟
·        ربما يمكن أن يوجه هذا السؤال إلى كونديرا نفسه، هل ألّف كتاب "حفلة التفاهة" اقتباساً من رواية ماريو برغاس يوسا "حفلة التيس"؟ وما العلاقة بينهما؟ ولا أدري إن كان يجب توجيه السؤال نفسه إلى يوسا أيضاً، إذ لم أتتبع مسار الكتب الروائية التي حملت العنوان المذكور أبعد من هذا.
 عنوان كتابي الكامل هو: حفلات الرداءة الأدبية: جائزة الرواية في معرض الرياض الدولي للكتاب نموذجاً. وأما لماذا اخترت حفلات وليس احتفالات مثلاً؟ فالأمر له علاقة بالأسلوب الكتابي الذي تعودت عليه أعواماً عدة في صحيفة "الحياة"، إذ إن الكتاب الأسلوبي للصحيفة يفهم منه وجوب تحويل كلمة "احتفالات" إلى "حفلات". وأما ما أقصده بالعنوان، فهو ما تعنيه ألفاظه بحذافيرها، لا أقل، ولا أكثر.
·        أجريت معك حوارا قبل ثلاثة أعوام كنت ساخطا فيه على جوائز الرواية العربية وذكرت أنها تعاني فسادا. هل يسري هذا على هذه الجائزة أيضا التي تنتقدها اليوم؟
·        أتذكر أنني قلت آنذاك أن الجوائز إما أنها تعاني فساداً أو ضعفاً في مستوى المحكَّمين. أما الآن فأنا أقول ما يقوله العنوان فحسب، إن بعض جوائز الرواية ما هي إلا حفلات للرداءة الأدبية، بقطع النظر عما هو وراءها.
·        نشرت كتابك "حفلات الرداءة الأدبية"  على الشبكة الالكترونية.لماذا؟ ألا يستحق مثل هذا الكتاب أن يكون منشورا ورقيا؟ هل لهذا علاقة بانتقاده لجهة حكومية مثلا؟
·        لم أنشره ورقياً لسببين أساسيين، من بينها أن ناشرين مهمين يتخيلون أنهم إن نشروه فستقع بينهم وبين معرض الرياض الدولي للكتاب مشكلات كبيرة، وأنا أؤكد أن هذه تخيلات ناشرين فحسب، ولا أساس لها من الموضوعية. إلا أنه ليس هذا هو السبب الأساسي، السبب الأساسي هو أنني أريد أن أقول ما عندي في هذا الشأن وأن يقرأه من تقع عينه عليه، في هذه الفترة، قبيل معرض الرياض المقبل، ولا يمنع هذا أن أدرج هذا الكتاب الصغير في كتاب آخر أو أن أطبعه باستقلال في وقت لاحق.
·        تستشهد في بداية كتابك بروائيين عالميين وتشترط بناء على ذلك اشتراطات معينة لكتابة رواية تاريخية. هل هذه الاشتراطات ملزمة دائما؟ هل رواية "زرياب" وحدها من اخترق(بحسب كتابك) هذه الاشتراطات؟ ألم يقع هؤلاء الروائيون أنفسهم بأخطاء مشابهة؟ بل أنك تعيد في نهاية الكتاب أنك أنت نفسك لم تسلم من هذه الأخطاء. كيف تفسر هذا؟
·        نعم، الاشتراطات الفنية ملزمة دائما. ولا، ليست هذه الرواية وحدها التي اخترقت هذه الاشتراطات، لكنها وقعت في يدي بعد بحث أجريته  لصالح صديقي العزيز جدا أبي صالح (أعتقد أننا نعرفه جميعاً، وسيعرفه القارئ إذا ما تصفح الكتاب) عن النصوص الواردة عن زرياب في كتب الأدب العربي، فلم أملك نفسي بعدما وقعت الرواية في يدي أن أظل على الصمت الذي تعهدت به حيال الرواية المحلية من قبل، ومن أجل ذلك جرى القلم بما سبق في اللوح المحفوظ. وبلى، جميع الروائيين معرّضون للوقوع في أخطاء، وتفسير ذلك أنهم بشر. لكن هل تلك الأخطاء كثيرة أو فادحة إلى حد الهبوط بهم أو برواياتهم في الرداءة الأدبية؟ ذلك هو الفرق بين روائي وروائي، ورواية ورواية، أما الخطأ فهو وارد على الجميع، ومن يسلم منه؟ ثم، دعنا نسلّم بأن ثمة كتابا رديئين كثيرين، وأنا منهم، أفليس من الأسهل على الشخص أن يعرف نظيره ومثيله وشبيهه؟
·        ذكرت أن رحلة "زرياب" في الرواية تسير على خطى "رحلة ابن جبير" ورصدت حوالي عشرين موضعا تتشابه فيه الرحلتان.هل هذه سرقة؟ أليس بإمكان الروائي أن يعتمد على المراجع ويوظف ذلك في روايته؟
·        دعني أترفع عن لفظ "السرقة" فأنفيها، حفظاً للأدب العام. وبلى، يستطيع الروائي الاعتماد على المراجع ليوظف ذلك في روايته، بل ذلك هو المطلوب منه أساساً، لكن ليس هذا ما انتقدته على رواية زرياب، ولا يمكن إجمال نقد طويل مفصل مثل هذا في هذه العجالة، لذلك لندع للقارئ فرصة اكتشاف ذلك بنفسه عندما يطلع على كتابي عن الرواية، وأعتقد أن قراءة الكتاب لن تستغرق أكثر من ساعة واحدة.
·        وصفت "زرياب" بطل الرواية بأنه مؤسس أول ستار أكاديمي في الإسلام وأول من نقل مفهوم الموضة والأزياء على الأندلس بعكس ما يرد عند كثير من المؤرخين أن "زرياب" ساهم في نقلة حضارية حدثت في الأندلس,مما قد يفهم من انتقادك هذا أنه ينطلق من رؤية "إيديولوجية" وليست فنية. ما رأيك؟
·        لا أجد أي غضاضة في البوح بموقفي الأخلاقي والأدبي من "ستار أكاديمي" و"عرب غوت تالنت" وكل ما يشابههما ماضيا وحاضرا ومستقبلا، ولكن لا أثر لذلك في موقفي الفني من الروايات التي أقرؤها، خذ مثالاً: احتفت رواية ساراماغو "قايين" بشخصية قابيل، وأنا ضد ذلك بشدة، إلا أن ذلك لم يؤثر في موقفي الفني منها.
·        لمن لم يحصل على كتابك ولم يقرأه هل تستطيع أن تلخص بإيجاز أهم المآخذ والملاحظات التاريخية والفنية على الرواية التي أوردتها بشكل مفصل هناك؟
·        لا أستطيع، لأن الكتاب نفسه مختزل، ويستطيع القارئ أن يفرغ منها في ساعة واحدة كما ذكرت، ربما تتولى عني ذلك بأن تكتب عنه واحدة من قراءاتك الملخصة التي أتابعها كثيراً.
·        مع كل هذه الدقة التي تشترطها في التعامل مع التاريخ ألا ترى أنك تقيد الفنان وتضيق عليه وتحيل الفن المعتمد بالضرورة على مخيلة الفنان إلى بحث تاريخي يتطلب الدقة والرصانة؟ أين حرية التخيل وسط كل هذا؟
·        نعم، لا أرى أنني أقيد الفنان، تستطيع أن تتخيل ما تشاء، حيث تشاء، وأنا هنا أقتبس من كتابي: ما لم يكن ذلك مضاداً للواقع الذي يفرضه العالم السردي. وربما يجب عليك أن يكون لديك محررون يساعدونك في تحرير روايتك، كيلا تقع في أخطاء مميتة قد تودي بحياة روايتك.
·        كيف مرت كل هذه الملاحظات على القراء والنقاد واللجنة التي منحت الرواية الجائزة,ثم لاحظتها أنت؟ أليس في هذا ما يدعو للاستغراب؟
·        الكيفية تكمن في القراءة السريعة غير المتفحصة. وبلى، فيه ما يدعو للاستغراب، ولذلك كان هذا الكتاب.
·        يندر أن نجد كتابا نقديا بالصورة التي ظهر فيها "حفلات الرداءة الأدبية" بحيث أنه أخذ طابعا عمليا "إن صحت التسمية" من النواحي الفنية والتاريخية وخلا من الجانب النظري الذي يكثر استخدامه عند النقاد. كيف تقيم الحركة النقدية المحلية بتفاعلها من النتاج الإبداعي؟
·        الكتاب اسمه حفلات الرداءة الأدبية: جائزة الرواية في معرض الرياض الدولي للكتاب نموذجاً. أما من حيث التقويم فدعني أقتصر على الشأن السردي في هذا المقام: الإشكالية الحقيقية لدينا هي أن نقاد الرواية لا يقرؤون الرواية جيداً، والتنظير مفيد جداً لمن لا يقرأ الأعمال الأدبية.
·        رغم انتقادك للجائزة التي منحت لرواية"زرياب" إلا أننا نقرأ احتفاءك في قراءة نشرت في أحد المواقع الالكترونية لكتاب"صناعة المخطوطات في نجد" للدكتور عبدالله المنيف الفائز بنفس الجائزة لهذا العام. كيف تفسر هذا؟
·        لست عدواً للجوائز ولا للكتب الفائزة بها، وعلى رغم ذلك فإن مقالتي عن الكتاب المذكور ومؤلفه الكريم نشرتها قبل فوزه بالجائزة التي حصل عليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق